بيت لحم / PNN / حذّر استطلاع ميداني جديد من تداعيات قرار وزير المالية الإسرائيلي وقف الإعفاء المصرفي وتحويل أموال الشيقل من البنوك الفلسطينية إلى الإسرائيلية، معتبرًا أنه يشكل تهديدًا مباشرًا للاستقرار المالي والمعيشي في الأراضي الفلسطينية، ويكشف عن توظيف إسرائيل للأدوات الاقتصادية كوسيلة ضغط سياسي على القيادة الفلسطينية.
وأظهر الاستطلاع، الذي أجراه المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي (PCPO) خلال الأسبوع الأخير من حزيران/يونيو 2025 على عينة عشوائية من 484 مواطنًا (60% ذكور و40% إناث) بمتوسط أعمار يقارب 30 عامًا، أن 87.3% من المشاركين يعتقدون أن القرار الإسرائيلي يحمل دوافع سياسية تستهدف الضغط على السلطة الفلسطينية، مقابل 12.7% قالوا إنهم غير مهتمين أو لا يوافقون على هذا التوصيف. وبلغ هامش الخطأ ±4.45% عند مستوى ثقة 95%.
تهديد مباشر للاستقرار الاقتصادي
و بحسب الاستطلاع أعرب 77.1% من المستطلعين عن خشيتهم من أن يؤدي تراكم الشيقل في البنوك إلى إضعاف قيمته وتقويض الثقة بالعملة والأسواق، فيما حذّر 62.3% من أن تراكم العملة الإسرائيلية يشكّل خطرًا مرتفعًا جدًا على استقرار السوق المحلي. كما توقّع 46.8% أن يقود القرار إلى أزمة سيولة وارتفاع حاد في أسعار السلع، بينما أشار 21.5% إلى احتمال انهيار الخدمات الأساسية، و18% إلى نشوء أزمة نقدية وتجارية حادة.
وفيما يتعلق بالرواتب، توقّع 82.4% من المستطلعين أن يؤثر القرار سلبًا على قدرة السلطة الفلسطينية على دفع رواتب الموظفين، بما قد يؤدي إلى تأخيرات أو تعثرات في صرفها. وأكد 71.1% أنهم يتوقعون نقصًا في المواد الأساسية مثل الغذاء والدواء، محذرين من تفاقم الضغوط المعيشية على الأسر الفلسطينية. كما تخوّف 85.6% من تصاعد التوتر والاحتقان الاجتماعي كنتيجة مباشرة للأزمة، بما يهدد السلم الأهلي.
دوافع سياسية واقتصادية متشابكة
هذا و أرجع 69.4% من المستطلعين القرار إلى رغبة إسرائيل في الضغط على القيادة الفلسطينية لوقف تحركاتها الدولية، بينما اعتبر 12.2% أن الخطوة جاءت استجابةً لضغوط أميركية، و9.2% ردًا على لجوء السلطة لمحكمة العدل الدولية، فيما ربط 9.2% القرار بالتنافس السياسي الداخلي في إسرائيل.
وفي تفسير جذور الأزمة، حمّل 68.7% القيود الإسرائيلية على شحن النقد المسؤولية المباشرة عن تراكم الشيقل، فيما أشار 65.5% إلى أن السياسات الإسرائيلية تهدف إلى خنق النظام النقدي الفلسطيني، مقابل 21% أرجعوا الأزمة إلى تراجع المقاصة وتأخير الرواتب.
تأثير واسع على حياة الفلسطينيين
كما أظهر الاستطلاع أن 76.4% من المشاركين يواجهون صعوبة كبيرة في تغطية نفقاتهم الأساسية بسبب ارتفاع الأسعار أو نقص السيولة، فيما قال 56.3% إن قدرتهم أو قدرة أسرهم على تنفيذ المعاملات المالية اليومية (سحب، إيداع، تحويل) تأثرت كثيرًا. وأكد 48.5% أنهم غير مرتاحين إطلاقًا في حياتهم اليومية، بينما وصف 75% الوضع الاقتصادي العام في فلسطين بأنه "سيئ جدًا".
كما يرى 89.1% من المستطلعين أن تقييد التحويلات المالية يعرّض الأمن الغذائي للخطر المباشر، في حين توقّع 78.5% تفاقم معدلات الفقر والبطالة كنتيجة حتمية للأزمة.
مطالب بحلول دولية وتدابير مرحلية
طالب 48.2% من المستطلعين المجتمع الدولي بممارسة ضغط سياسي على إسرائيل لمعالجة الأزمة، بينما دعا 22.9% إلى إنشاء لجنة حماية دولية، و20.1% إلى ضمان التحويلات المالية، ما يعكس قناعة شعبية واسعة بأن الحلول السياسية والدولية هي المدخل الأساسي لحماية النظام المالي الفلسطيني.
أما بشأن العلاقة المصرفية مع إسرائيل، فأيّد 48.9% استمرارها بشكل مؤقت لتفادي الانهيار المالي، مقابل 21.5% رفضوا الاستمرار بها، في حين دعا 21.1% إلى استمرارها بضوابط محددة، ما يعكس ميلاً عامًا نحو حلول مرحلية توازن بين الضرورة الاقتصادية والرغبة في تقليل التبعية المالية لإسرائيل.
تقييم سلطة النقد وثقة الجمهور
أبدى 51.5% من المشاركين رضاهم عن أداء سلطة النقد الفلسطينية في إدارة الأزمة، فيما أشار 52.1% إلى نجاحها في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بما يتوافق مع المعايير الدولية، وهو ما يعكس ثقة نسبية بقدرتها على الحفاظ على الاستقرار المالي. كما أظهر الاستطلاع أن 51.4%ما زالوا يمنحون البنوك الفلسطينية درجات متفاوتة من الثقة، معتبرين إياها ملاذًا آمنًا لأموالهم رغم الضغوط السياسية.
واي تعليقه على النتائج قال مدير المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي، الدكتور نبيل كوكالي، إن النتائج ترسم صورة قاتمة للاقتصاد الفلسطيني في ظل القيود الإسرائيلية.
وشدد كوكالي على أن "جوهر الأزمة سياسي وليست مجرد مشكلة مصرفية". وأضاف أن مواجهة الأزمة تتطلب "توسيع الرقمنة المالية وإيجاد بدائل مصرفية إقليمية ودولية، إلى جانب تدخل دولي عاجل يضمن استقرار النظام المالي وحياة كريمة للفلسطينيين".