بيت لحم / PNN/ تواجه المنشآت الاقتصادية في محافظة بيت لحم أزمة حادة نتيجة تكدّس العملة الإسرائيلية في البنوك الفلسطينية ورفض عدد من المصارف استقبال الإيداعات النقدية بالشيكل الأمر الذي تسبب في شلل جزئي للأنشطة التجارية وعطل قدرة أصحاب المنشآت على الوفاء بالتزاماتهم المالية تجاه الموردين والموظفين
و في محاولة لقياس حجم الضرر واستطلاع آراء أصحاب المنشآت بادرت غرفة تجارة وصناعة محافظة بيت لحم بتنفيذ استبيان شمل 61 منشأة من أعضاء الهيئة العامة بهدف تقديم معطيات دقيقة لصناع القرار وتسليط الضوء على تداعيات الأزمة والبحث عن آليات للتخفيف من آثارها
أظهرت نتائج الاستطلاع أن أكثر من ثلث المشاركين واجهوا رفضاً من البنوك لإيداع الشيكل لأكثر من ست مرات خلال الأشهر الستة الأخيرة فيما تراوح عدد مرات الرفض بين مرة إلى ثلاث مرات لدى ربع المشاركين تقريبا وسُجل رفض من أربع إلى ست مرات لدى ما يزيد عن عشرين بالمئة بينما لم يواجه نحو 16 بالمئة أي حالات رفض
و أكد غالبية المشاركين أن هذا الرفض تسبب في تعطيل مباشر لأعمالهم التجارية إذ أشار 82 بالمئة إلى أن أنشطتهم تأثرت بينما أفاد 18 بالمئة بأن أعمالهم استمرت دون تأثير يذكر
أحد أبرز مظاهر التعطيل تمثل في عدم قدرة المنشآت على تسديد الشيكات المستحقة حيث أفاد أكثر من 80 بالمئة أنهم واجهوا صعوبات في الدفع بسبب القيود المفروضة على الإيداع كما أشار قرابة 69 بالمئة إلى أنهم لم يتمكنوا من شراء المواد الخام أو البضائع اللازمة لتشغيل منشآتهم بينما أفاد 44 بالمئة بأنهم لم يستطيعوا دفع رواتب الموظفين في الوقت المحدد
وبينما لجأ أكثر من ثلثي المشاركين إلى البحث عن حلول بديلة للخروج من الأزمة فإن 56 بالمئة توجهوا نحو استخدام وسائل الدفع الإلكتروني و42 بالمئة عمدوا إلى تحويل الشيكل إلى الدولار كما قام نحو 30 بالمئة بتحويل العملة إلى الدينار الأردني غير أن نسبة كبيرة لا تزال غير قادرة على اعتماد هذه البدائل بشكل واسع
ورغم اللجوء إلى الدفع الإلكتروني كخيار رئيسي فإن 44 بالمئة من أصحاب المنشآت لم يستخدموا هذه الوسيلة مطلقا بينما أشار 21 بالمئة إلى أن تعاملاتهم الإلكترونية بقيت دون نسبة 10 بالمئة من إجمالي المعاملات وسُجلت نسب استخدام أعلى لدى شرائح أقل من المشاركين
أصحاب المنشآت شددوا على ضرورة معالجة الأزمة بشكل عاجل وفعّال وأكدوا أن استمرارها لا يضر فقط بمصالح التجار بل ينعكس على الاقتصاد المحلي ككل ودعوا إلى شراكة حقيقية بين البنوك وسلطة النقد والغرف التجارية والقطاع الخاص لتجاوز الأزمة
واقترح المشاركون أن تبادر البنوك إلى قبول الإيداعات النقدية دون شروط خاصة تلك المرتبطة بتغطية الشيكات والالتزامات المالية كما طالبوا بوقف ما وصفوه باستغلال فروق أسعار الصرف وتحميل البنوك جزءا من كلفة الأزمة بدل ترحيلها للمواطنين
كما دعوا سلطة النقد الفلسطينية إلى تبسيط الإجراءات أمام التجار وخفض العمولات وتوسيع سقف المحافظ الإلكترونية وتشجيع إصدار بطاقات الدفع الإلكترونية ودفاتر الشيكات
وشددوا على أهمية دور الغرف التجارية وفي مقدمتها غرفة بيت لحم في تمثيل صوت التجار والتنسيق مع الجهات المعنية لتأمين مخرج عملي للأزمة كما طالبوا بتسهيل التحويلات للعاملين في القطاع السياحي وتخفيف الأعباء الضريبية والتراخيص في إطار استجابة اقتصادية طارئة
مقترحات أخرى شملت إنشاء وحدة فلسطينية مستقلة للتعامل مع العملة الإسرائيلية دون العودة للجانب الإسرائيلي وإنشاء بنوك غير ربحية بإدارة رجال أعمال فلسطينيين تهدف لتقديم خدمات مالية منخفضة الكلفة واقترح البعض إلغاء التعامل بالشيكل تدريجياً والتحول إلى الدينار أو الدولار كحل استراتيجي بعيد المدى بالإضافة إلى رفع سقف الإيداع الشهري إلى مئة ألف شيكل خاصة للمنشآت ذات النشاط الكبير
الاستطلاع يعكس حجم الضغط الذي تواجهه المنشآت الاقتصادية في بيت لحم ويؤكد الحاجة إلى تدخل عاجل وجاد من الجهات الرسمية والمؤسسات المالية لتدارك تداعيات أزمة تكدس الشيكل التي تهدد بتوسيع دائرة الضرر الاقتصادي في المدينة وربما في محافظات أخرى إذا ما استمرت الظروف على حالها