٣٠ عاما من العمل الصحفي ، أدركت خلالها جيدا كيف يغطي الاعلام الغربي مأساتنا وكيف تصنع غرف تحريرهم الخبر دون أنسنة للفلسطينيين ودون تحقق من الخبر ودون مرجعية تاريخية ، كيف يتلاعبون بالكلمات وينتقون منها، نحن في خبرهم نموت وحدنا ، رعب كبير من ذكر اسم القاتل ومسائلته، يصرون على ان الحرب هي بين حماس واسرائيل ، وهي صراع conflict ، لا ذكر لحقوق الانسان التي ينظرون لها منذ عهود ، لا وجود لأبسط اساسيات العمل الصحفي. يفتحون شاشاتهم لقادة الاحتلال وسياسييهم بانحياز تام، ويبحثون دائما عن تبرير القتل والتجويع.
على شاشاتهم لا اسماء ولا وجوه لنا ولاطفالنا وصحفيينا واطبائنا. لا أحباب ولا مدارس وبيوت ومشافي وحدائق واحلام، لا صور على الحائط ولا شنط مدرسية.
يطلون بوجوههم المتجمدة على الشاشات ويواصلون التضليل الاعلامي كما فعلوا منذ ٧٧ عاما كانوا فيه ناطقين باسم الجيش الاسرائيلي.
منذ بداية حرب الابادة وانا اتلقى سؤالا متشابها من اغلب الصحفيين الاجانب: هل انت متأكدة انهم صحفيون!! هل انت متأكدة انهم اطفال ! هل متأكدة انهم اطباء!
لا أحد منهم يسأل كيف يلبس صحفي اسرائيلي البدلة العسكرية ويحمل سلاحا ويقتل ويفجر احياء في غزة ولبنان ويصور نفسه بسخرية ثم يعود ليقدم نشرة الاخبار العبرية.
الصحفي الوحيد في العالم المضطر للدفاع عن نفسه وتقديم الاثباتات هو الصحفي الفلسطيني تحديدا في غزة،الصحفي الذي كتب خبره بالدم ولم تدافع عنه وسائل اعلامه كما فعلت رويترز، والاسوشييتد برس .
وسائل اعلام لم تخض ولو معركة بسيطة بحقها بدخول غزة ، وبعضها طرد موظفيه لمجرد وقوفهم الى جانب فلسطين كما فعلت البي بي سي. حتى هنا في القدس منظمة الصحفيين الاجانب تقف باستحياء وصمت ولا تعترض حتى على منع التغطية في الضفة والقدس وعلى حرب المستوطنين التي طالت زملائنا .
حرب الابادة اكدت ما كنا نعرفه جيدا، واسقطت بشكل كامل العالم واعلامه واخلاقة.
كيف وصلتم الى هذا الحد !!
كيف تعتقدون بعد كل هذا انكم العالم الحر !!
وانتم الذين تحتلكم العنصرية وتحتلكم اسرائيل اكثر مما تحتلنا وتحتاجون لعقود طويلة لكي تتحرروا .
انتم الشركاء في الإبادة.