الشريط الاخباري

قمة العجز بقلم بهاء رحال

نشر بتاريخ: 17-09-2025 | أفكار
News Main Image

بينما كان الملوك والرؤساء العرب يجتمعون في العاصمة القطرية الدوحة، تنديدًا بالهجوم الإسرائيلي الذي استهدف قادة حماس قبل أيام، كان نتنياهو ووزير الخارجية الأمريكية يفتتحان نفقًا أسفل بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، في مفارقة عجيبة غريبة في هذا الزمن المنكس بكل حالات الضعف والاستجداء والهوان، والذي يَعبر بنا نحو مصائر مختلة في الزمن المعتل، وقد نجد أنفسنا بين ليلة وضحاها تلفظنا كتب التاريخ والجغرافيا، فما عاد العرب يهددون ويتوعدون، بل اعتادوا الشجب والتنديد وإن ضُربت أو قُصفت عواصمهم.

اجتمع القادة العرب في دوحة قطر، بينما احتفل نتنياهو ووزير الخارجية الأمريكي بتدشين نفقٍ أسفل قُدس العرب، وتلك الصورة التي أرادها نتنياهو ردًا على كل تصريحات وخطابات العرب، بالفعل والممارسة تهويدًا وتدنيسًا واستعلاءً واستكبارًا، فلم يعد يخشى أحدًا، ولم يعد يبالي بكل خطب العرب. 

إنه نتنياهو بكل عنصرية وإرهاب يواصل سياساته، بل ويوسع من عملياته الحربية الميدانية، قتلًا وحصارًا وتدميرًا، فتتسع فصول الإبادة ويرتفع أعداد الضحايا، رافضًا كل عمليات التفاوض ومعطلًا لكل الصفقات. 

اختيار نتنياهو التوقيت له دلالة أرادها في الزمان والمكان، فقد تزامن موعد افتتاح النفق في القدس برفقة وزير خارجية أمريكا، مع اجتماع القمة العربية والإسلامية التي جاءت للرد على القصف الهمجي الذي تعرضت له العاصمة القطرية، فهذا تعالي نتنياهو العنصري، وهذه سياساته المعهودة، وتلك الصورة التي أرادها بكل رعونة ردًا على قمة العرب.

ووسط كل ما يحدث تتواصل حرب الإبادة الجماعية، وتتدحرج عمليات الاجتياح البري لمدينة غزة، وينزح الناس نحو الجنوب في مشاهد تعيد إلى الأذهان الهجرة الأولى والنكبة الكبرى، فهذه التغريبة الفلسطينية المتواصلة شاهدة على حجم الظلم الذي يعيشه الفلسطيني، وقوى العالم الكبرى لم تتحرك لوقف المقتلة المستمرة منذ 712 يومًا، بل إن الحليف ترامب الأمريكي يواصل دعمه وتأييده على نحو فظ، ولا يأبه بما يرى وما يشاهد من دموية الإبادة وسياسات التجويع والقتل والقصف المستمر.

صحيح أن قطر جمعت الكل العربي في القمة الطارئة، وصحيح أنه من المهم هذا التضامن العربي، لكن مخرجات القمة لم تكن بحجم التحديات المتعلقة بحرب الإبادة والتهجير في غزة، أو بقصف البلد المضيف لعمليات التفاوض، لهذا يمكن تخفيفًا تسميتها قمة العجز.
 

شارك هذا الخبر!