lتشهد مدينة غزة واحدة من أعقد مراحل الصراع، حيث تواصل إسرائيل إصدار أوامر إخلاء واسعة النطاق تستهدف أحياءً بكاملها، في محاولة لإعادة تشكيل المشهد الميداني والديموغرافي.
غير أنّ هذه الأوامر، بدل أن تحقق أهدافها الاستراتيجية، تصطدم بإرادة سكان المدينة الذين يرون في البقاء داخل منازلهم شكلًا من أشكال الصمود والمقاومة.
تعتمد إسرائيل سياسة الإخلاء كأداة مزدوجة، فمن جهة تُبررها باعتبارها وسيلة لحماية المدنيين وإبعادهم عن "مناطق القتال"، ومن جهة أخرى توظفها في تفريغ مناطق حضرية من سكانها لتسهيل التوغل البري وتقليص الكلفة العسكرية.
لكن هذه السياسة تنطوي على أبعاد أعمق، إذ تسعى إلى فرض واقع جديد يجعل السيطرة الميدانية أمرًا ممكنًا، وفي الوقت نفسه يضعف البنية الاجتماعية الفلسطينية عبر تفكيك الأحياء وتشتيت العائلات.
ورغم القصف وانقطاع الكهرباء والماء ونقص الغذاء، تحاول العائلات الحفاظ على أبسط مقومات الحياة. تُشعل النساء مواقد الطين للخبز، بينما يحوّل الشباب الأنقاض إلى ملاجئ مؤقتة، ويعيدون ترتيب حجارة البيوت كأنهم يعلنون أنّ غزة لا تُمحى بسهولة.
ما يجري في غزة ليس مجرد مواجهة عسكرية، بل صراع على الهوية والوجود.
اسرائيل تسعى لفرض واقع جديد عبر أوامر الإخلاء، بينما يرد الفلسطينيون بإرادة صلبة تقول: "نحن هنا ولن نرحل".
وبين ضغط السلاح وصمود الفلسطيني، تبدو معركة البقاء اليوم اختبارًا حاسمًا لإسرائيل التي تحاول إعادة رسم الخريطة، وللفلسطينيين الذين يثبتون أنّ البقاء في الأرض هو أعمق أشكال المقاومة.