لم يولد ما كان متوقّعاً، ولم تثمر المغامرة التي أقبلت عليها حركة حماس إلا إبادة عائلات وتجويع الأطفال ناهيكم عن مئات آلاف الجرحى وملايين الأزمات النفسية، وتدمير البيوت والبُنى التحتية وخسارة التعليم لطلبة غزة.
منذ ذلك اليوم وحتى الآن، ارتقى أكثر من 67 ألف شهيد، وأُصيب نحو 169 ألفاً، بينهم عشرات الآلاف بإعاقات دائمة. وعلى وقع القصف والدمار نزح ما يزيد على 796 ألف إنسان داخل القطاع، فيما يواجه أكثر من مليوني مواطن شبح المجاعة وانعدام الأمن الغذائي. أمّا البنية التحتية، فقد دُمّر منها ما يزيد على 70% من المنازل والمدارس والمستشفيات والمساجد، تاركاً غزة مدينةً من الركام.
المعضلة في بيان حركة حماس الأخير لم تكن في الشعارات ولا في اللغة، بل في التاريخ، فالبيان الذي صدر في 4 أكتوبر 2025 كان ينبغي أن يُكتب في 8 أكتوبر 2023، لحظة الحقيقة التي بدأ معها النزيف.
إنّ الحركات التحررية على مرّ التاريخ كانت تدرس الواقع والسُبل المناسبة لتحقيق أهدافها، ونجحت دوماً بسبب القراءة السليمة للنظام الدولي ومراكز القوى، لكن حركة حماس، وإنْ قامت بهذه المغامرة، كان على قادتها دراسة الواقع في اليوم التالي لمغامرتهم، ولكنهم كما يُقال صعدوا إلى الشجرة وأبَوا النزول عنها، حتى سقطوا بشكلٍ مدوٍ لم يتوقعوه أبداً، واصبحنا كفلسطينيين نطلب فتات الفتات، وبالكاد نحصل عليه.
الخلاصة مُرّة: كل هذه الدماء لم تُثمر دولة ولا أماناً ولا تحريراً، بل حصاد الخراب. ومن يصرّ على استمرار الحرب لا يختلف في جوهره عن نتنياهو، لأن نزيف الدم بالنسبة له ليس مأساة بل رصيداً سياسياً ضيقاً، على حساب إنسانية شعب بأكمله.