تل أبيب -PNN- أكد تقرير إسرائيلي مجددا على أن استمرار الحرب على غزة والعملية العسكرية لاجتياح واحتلال مدينة غزة، ستؤدي إلى زيادة عائلة لميزانية الدولة، التي من شأنها أن تقوض استقرار الاقتصاد والتسبب "بعقد اقتصادي إسرائيلي ضائع".
ورجح التقرير، الصادر عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، أن استمرار الحرب سيؤدي إلى تكاليف غير مباشرة، إضافة للتكاليف المباشرة، وبينها فرض عقوبات على إسرائيل ومقاطعتها، كما تبين أنه ميزان الهجرة كان سلبيا، في العام 2024، ومعظم الذين هاجروا من إسرائيل كانوا من الشبان المنتجين الذين يسهمون في تعزيز إسرائيل اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا.
وأحد العواقب الوخيمة على الاقتصاد الإسرائيلي بسبب استمرار الحرب التي تشنها إسرائيل في عدة جبهات، في السنتين الأخيرتين، يتعلق بتراجع النمو الاقتصادي والناتج للفرد وتقليص الدخل الصافي للفرد، وهو مؤشر مركزي على جودة الحياة، وبالارتفاع الحاد للدَين مقابل الناتج، من 61% إلى أكثر من 70%.
وأضاف التقرير أنه بالرغم من أن الناتج الإسرائيلي لم ينكمش خلال الحرب، إلا أن النمو تراجع بشكل ملموس. "ونتيجة لذلك، انخفض الناتج حوالي 4% عما كان عليه في السنوات 2012 – 2019، وقبل جائحة كورونا. وكل 1% من الناتج يساوي 20 مليار شيكل. ولذلك فإن الناتج الإسرائيلي في العام 2025 أقل بـ80 مليار شيكل".
إلا أن الوضع أسوأ بما يتعلق بالناتج للفرد، الذي يهدف إلى تحييد التزايد الطبيعي للسكان. وتدل معطيات دائرة الإحصاء المركزية على أن الناتج للفرد في إسرائيل انكمش بنسبة 1.2%، في العام 2023، وبنسبة 0.4% في العام 2024. "وهذا الانكماش أدى إلى تراجع الناتج للفرد في إسرائيل إلى مستواه في العام 2022، ما يدل على تراجع جودة الحياة".
نسبة الدَين العام إلى الناتج في إسرائيل، التي ارتفعت بسبب الحرب، هي نتيجة للسنوات التي سبقت الحرب. ولولا الأداء الاقتصادي قبل الحرب لارتفعت النسبة أكثر. وعمليا، اقتراض الديون المكثف، وخاصة في العام 2024، الذي تجاوز اقتراض الديون في فترة جائحة كورونا، هو عبء سيتدحرج لسنوات مقبلة. "واقتراض الديون في سنتي الحرب كانت بفائدة أعلى، وينطوي على ذلك مخاطر على قروض الدولة الموجودة في حرب وعانت من عدة تخفيضات لتدريجها الائتماني، بحيث سيصعب مقارنة ذلك مع دول موجودة في دَين مرتفع أكثر من إسرائيل لكن الفائدة على قروضها منخفضة أكثر".
وأشار التقرير إلى أن العجز في ميزانية الدولة كان أكثر من 4%، في العام 2023، وحوالي 7% في العام 2024، ويتوقع أن يكون أكثر من 6% في العام 2025. "وواضح أن هذا الاتجاه غير مستدام وتبعات الاقتصاد الكلي لهذه السياسة المالية كبيرة للغاية. واستمرار سياسة مالية مع عجز يزيد عن 5% من شأنه تقويض استقرار الاقتصاد ودفع إسرائيل إلى عِقد ضائع آخر".
وأضاف التقرير أن "عجزا ماليا يتعمق والمس بالنمو الاقتصادي، سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج بوتيرة متزايدة. ونتيجة لذلك، ستواجه الدولة صعوبة في بيع سندات دين في سوق رأس المال، وحتى أنها قد تصل إلى أزمة مالية، بدون قدرة على تجنيد موارد من أجل الصمود أمام الالتزامات".
وارتفع سعر صرف الشيكل 15% منذ بداية الحرب على غزة، في تشرين الأول/أكتوبر العام 2023، وذلك نتيجة للصادرات الأمنية وصادرات الهايتك والغاز، التي تُدخل إلى إسرائيل دولارات تُحول إلى شواقل.
وارتفع مؤشر تل أبيب 125، وهو المؤشر الأساسي في بورصة تل أبيب، بحوالي 60% منذ بداية الحرب. وهناك شركات إسرائيلية حققت أرباحا من الحرب، بينها شركة الطيران "إل عال" التي ارتفع سعر سهمها بأكثر من 400% بسبب إلغاء شركات الطيران الأجنبية رحلاتها إلى إسرائيل. كما حققت أسهم شركات الصناعات الأمنية الإسرائيلية أرباحا على إثر الطلب المرتفع على منتجاتها، بينما استفادت البنوك الإسرائيلية من مستوى فائدة مرتفع.
لكن التقرير أشار إلى أن البورصة تعكس قيمة الشركات الكبرى ولا تعكس بالضرورة وضع الاقتصاد الإسرائيلي. وقسم من هذه الشركات تعمل في الأسواق الدولية ولذلك هي تتأثر أقل من وضع الاقتصاد الإسرائيلي. وفي موازاة ذلك، تستفيد الشركات التي تعمل في إسرائيل من سياسة التعويض الحكومية، وكذلك الأجور التي تدفع لجنود الاحتياط بمبالغ طائلة، وهذا يعزز النشاط الاقتصادي، لكن السياسة المالية التي اتبعتها الحكومة الإسرائيلي في السنتين الأخيرتين لا يمكن أن تستديم، وسيؤدي ذلك إلى تراجع اقتصادي.
إلى جانب ذلك، لفت التقرير إلى أنه برز في السنتين الأخيرتين إغلاق عدد كبير من المصالح التجارية. وتراجع عددها في السنتين الأخيرتين بـ40.6 ألف مصلحة تجارية.
وارتفعت البطالة بعد تضرر قطاعات اقتصادية بشكل مباشر بسبب الحرب، مثل قطاع السياحة، وتوقف مصالح تجارية عن العمل وخاصة تلك القريبة من الحدود مع قطاع غزة ولبنان. ورغم ذلك، نسبة البطالة بقيت منخفضة ولم تتجاوز 3%، وذلك بسبب الاستدعاء الواسع لقوات الاحتياط، التي يتلقى جنودها راتبا. لكن نسبة البطالة سجلت ارتفاعا طفيفا، منذ شباط/فبراير الماضي، بعدما بدأ الجيش بتسريح جنود احتياط الذين لم يعودوا إلى العمل.
شدد التقرير على أن تكاليف الحرب غير المباشرة، وبضمنها دعوات باتت تتعالى لفرض عقوبات على إسرائيل ومقاطعتها ومقاطعة منتجاتها، حتى لو كانت من جانب شركات خاصة وليس من جانب دول بالضرورة، من شأنها أن تلحق ضررا كبيرا بالقطاع التجاري الإسرائيلي، وخاصة في فرع الهايتك، الذي سيفقد عاملين بسبب هجرتهم من إسرائيل أكثر من فروع أخرى.
المتوسط السنوي للهجرة من إسرائيل كان 35 ألفا، في السنوات 2013 – 2022، مقابل عودة 20 ألف مواطن إلى إسرائيل، أي أن ميزان الهجرة كان سلبيا بحوالي 15 ألفا. وارتفع ميزان الهجرة السلبي في العام 2023 إلى حوالي 30 ألفا، وفي العام 2024 إلى 60 ألفا، و81% منهم دون سن 49 عاما، أي أن هذه الهجرة شملت عائلات شابة ومنتجة، وفقا للتقرير.