الخليل / PNN / ألقت حرب الإبادة على قطاع غزة والإغلاقات الإسرائيلية ومنع العمال الفلسطينيين من التوجه الى أماكن عملهم في الداخل المحتل بأراضي عام 48 وما ترتب عليها من أزمة اقتصادية الى جانب الازمة الناتجة عن قرارات وزير المالية الإسرائيلي بتسائيل سموتيريش اقتطاع أموال المقاصة الفلسطينية وما ترتب على ذلك من تاخر دفع الرواتب والتي ألقت بظلالها على الأسر الفلسطينية تعود العائلات الفلسطينية الى الاقتصاد المنزلي الذي يقوم على زراعة الأرض والاكتفاء الذاتي بالاعتماد على زراعة المحاصيل الزراعية في محيط منازلها وحفظها بطرق تقليدية وبيتية بهدف التخفيف من الأعباء المالية ،والثبات والصمود ومواجهة سياسات التهجير القسرية التي باتت واضحة وعلنية وصريحة.
ولطالما كانت الزراعة بالنسبة للفلسطينيين مصدرا للصمود والتحدي على مدار سنوات التاريخ الفلسطيني ولهذا تعمل النساء الى جانب الرجال في الزراعة لكن النساء يتميزن ايضا بالتصنيع الغذائي المنزلي التراثي المتوارث عن الامعات للمنتجات الزراعية وتحويلها الى معلبات شهية تحافظ على القيمة الغذائية للمزروعات وتعطي المواطن الفلسطيني القدرة على توفير غذائه بمختلف المواسم مما يعزز قدرة الفلسطينيين على الصمود.
فاطمة مشارقة مزارعة من بلدة دورا جنوب الخليل عملت منذ سنوات على فلاحة أرضها وزراعتها بالمحاصيل الزراعية التي تحتاجها العائلة مكتفية ذاتيا بما تنتجه الأرض ، تزرع في بيت بلاستيكي نبات البندورة الذي اعتادت منذ سنوات طويلة على زراعتها وتخزينها فمنذ كان والديها يعملان على زراعة و تخزين وحفظ المنتجات الزراعية المحلية بطرق بيتية مثل العنب والزيتون والألبان ومنتجاتها وكذلك البندورة،
تعلمت مفاطمة مشارقة من والدتها طرق تخزين البندورة وحفظها لإعادة استخدامها في أي وقت تحتاجه لإعداد أصناف متنوعة من الطعام .ولازالت تصنعها بطريقة أمها ،فهي لا تتعب من ذلك بل تجد متعةأثناء عملها ، فهي تقوم بجمع ثمار البندورة من البيت البلاستيكي الذي تملكه العائلة بجوار منزلها ،وتقوم بغسلها بعد تقميعها ثم تقوم بفرزها إلى حبات حمراء ناضجة، أو إلى حبات خضراء تصنعه منها المخلل، وإلى حبات غير ناضجة تضعها على جنب .
تحفظ مشارقة البندورة بعدة طرق ولعدة استخدامات، حيث تقوم بفرم الحبات الحمراء الناضجة وتضعها في جهاز الخلاط الكهربائي “المولينكس” جزء منها تقوم بفرمها فرما خشنا وتطبخها على النار ثم تزيلها عن النار وبعد أن تبرد تضعها في زجاجات وتخزنها لعمل قلاية البندورة، أو في أحيان كثيرة تضيفها لبصلة مفرومة وتعدها في الحال لتناولها اذا كانت مستعجلة ويمكن الاحتفاظ بها لمدة سنة صالحة للاستخدام.

أما الطريقة الثانية فتقوم بفرم ثمار البندورة الحمراء ناعما ثم تقوم بتصفيتها باستخدام المصفاة وتضعها على النار تتركها تغلي لمدة ،وتقوم بازالة الرغوة البيضاء عن وجه الطبخ، ثم تترك المياه الموجودة فيها لتتبخر من أجل الحصول على معجون كثيف ومتجمد، ثم تنزلها عن النار وتتركها لتبرد بعد ذلك تضعها في مرطبانات معقمة وتضيف في الأعلى كمية من زيت الزيتون ليحفظها لمدة طويلة ،تستخدمها بدلا عن الصلصات الجاهزة والمصنعة.
وعن استخدامات هذه المنتجات تقول مشارقة انها تستخدمها في تحضير الصواني أو الأطباق التي تحتاج للصلصة ، ويمكنها الاحتفاظ بمعجون البندورة بهذه الطريقة موضحة انها تستطيع تخزينها من سنتين لثلاث سنوات.
وعن الطريقة الثالثة فتكون بتقطيع حبات البندورة بعد غسلها ونروش الملح عليها ونبقيها من ثلاث الى اربع أيام تحت أشعة الشمس حتى تجف تماما ثم نجمعها وتحتفظ بها في مرطبانات مغلقة تستخدم لاحقا .

ترى فاطمة مشارقة أن لطرق تخزين وحفظ البندورة بهذه الطريقة له ميزات تفضلها وتجعلها الأفضل مقارنة بالأصناف الخرى المعلبة والمصنعة بالمصانع ومنها أنها لا تحتوي على مواد حافظة وطعمها يكون مميز عند استخدامها كما أنها معروفة المصدر ومكوناتها طبيعية .
تقول مشارقة أن الجيل الجديد للأبناء لا يحبون تعلم هذه الطرق لأنهم أصبحوا يمضون الكثير من أوقاتهم على الهواتف الخلوية ولا يفضلون تعلم الطرق التقليدية ، وأن بناتها تعلمهن حديثا كيفية تصنيع البندورة فهن لم يتعلمنها .
تؤكد أم أشرف (فاطمة) أن البقاء في الأرض وزراعتها واستخدام إنتاجها والاكتفاء به ذاتيا ،خاصة في ظل المضايقات والمعيقات التي تتعرض لها العائلات الفلسطينية من الاحتلال ومستوطنيه ، في ظل حرب الإبادة على غزة، وقلة العمل ومنع العمال من الذهاب لعملهم، وقلة الرواتب يقوي صمودهم وثباتهم في أراضيهم .

وتقول “أنها لن تترك بلدتها دورا وترحل منها مهما حصل، حتة لو ماتت فيها ، فبلدها دمها وروحها تأكل من ترابها لتعيش ” وترى أن المواطنين الفلسطينين عادوا ليزرعوا أراضيهم ويعتمدوا عليها في تلبية احتياجاتهم المعيشية اليومية ليواجهوا الهجمة الشرسة من المستوطنين وجيش الاحتلال وليكونوا قادرين على الصمود في وجه سياسة التهجير القسري الذي يعتمدها الاحتلال .
تم انتاج هذه القصة ضمن برنامج قريب الذي تنفذه الوكالة الفرنسية للتنمية الاعلامية CFI بالشراكة وتمويل الوكالة الفرنسية للتعاون الدولي AFD.







