نابلس /PNN / أكد رئيس بلدية حوارة، جهاد عودة، أن الأحداث التي شهدتها البلدة خلال العامين الماضيين ألقت بظلال ثقيلة على مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية، متسببة بخسائر كبيرة للتجار والمواطنين، وسط عجز البلدية عن توفير التعويضات الكافية، وضعف الدعم الحكومي لمواجهة حجم الأضرار.
وقال عودة، خلال برنامج ساعة رمل الذي تنتجه وتبثه شبكة وطن الإعلامية، إن التقديرات تشير إلى أن حجم الخسائر الاقتصادية تجاوز 40 مليون شيكل، موضحاً أن "حوالي 60% من المحلات التجارية أُغلقت أبوابها بعد الاعتداءات التي مرت بها البلدة، فيما شهدت حركة المرور في الشارع الرئيسي تراجعاً حاداً من 20 ألف مركبة يومياً إلى نحو 5 آلاف فقط، بعد تحويل المركبات إلى الشارع الالتفافي الذي أُنشئ على حساب أراضي البلدة الزراعية".
أزمة اقتصادية خانقة
أوضح رئيس البلدية أن البلدية لا تملك الإمكانات لتعويض التجار أو أصحاب المنشآت المتضررة، لافتاً إلى أنها حاولت التخفيف عبر إعفاء المحلات من رسوم النفايات لفترات تراوحت بين 3–4 أشهر، والتواصل مع الملاك لتخفيض الإيجارات ومنح فترات سماح للمستأجرين.
وأشار إلى أن البلدة سبق وتعرضت قبل 7 أكتوبر 2023 لهجوم واسع أدى إلى إحراق منشآت تجارية ومنازل، وقد شكلت الحكومة لجنة وزارية لإدارة أموال التعويضات التي قُدمت للبلدة، منها 3 ملايين ونصف المليون كدعم عربي. وتم صرف معظم المبالغ لتعويض المتضررين وإعادة إعمار البيوت، فيما خُصص جزء للبنية التحتية والمشاريع الأساسية.
بنية تحتية متهالكة
وبيّن عودة أن البلدية عملت على إعادة إصلاح شبكات المياه المدمرة، وتعبيد الشوارع وبناء جدران استنادية لحماية المناطق المهددة بالاستيطان، لكنه شدد على أن الأعباء أكبر من قدرة المجلس البلدي.
وأضاف: "حوارة ما زالت تعاني من أزمات متراكمة في المياه والكهرباء والصرف الصحي. نسبة الفاقد في شبكة المياه تتراوح بين 52 و60% بسبب تهالك الشبكة والسرقات، فيما تبلغ سرقات الكهرباء أكثر من 30%، ما يفاقم عجز البلدية". وأوضح أن تكلفة إنشاء شبكة صرف صحي تتجاوز 50 مليون دولار، في وقت يرفض الاحتلال منح التراخيص اللازمة للمشاريع الحيوية.
الواقع الصحي الكارثي
وعن الوضع الصحي، وصف رئيس البلدية المشهد بـ"الكارثي"، مشيراً إلى أن مستشفى حوارة الذي شُيّد قبل أكثر من 15 عاماً بتمويل محلي يقدّر بـ8 ملايين شيكل، لم يُفعَّل بالشكل المطلوب، بل استُغل سنوات طويلة لصالح كلية ابن سينا للتمريض.
وتابع: "ما نحتاجه اليوم هو تفعيل قسم طوارئ حقيقي وولادة آمنة لخدمة سكان جنوب نابلس، لكن نقص الكادر الطبي والموارد حال دون ذلك. خلال المحرقة الأخيرة فقدنا أرواحاً بسبب عدم القدرة على إنقاذ المصابين أو التعامل مع حالات الولادة الطارئة".
الدفاع المدني والنفايات
وفيما يتعلق بالدفاع المدني، أوضح عودة أن مقر الدفاع المدني في بورين هو الذي يغطي حوارة، لكنه يعجز عن الوصول أحياناً بسبب الإغلاقات والاعتداءات، ما دفع البلدية للمطالبة بإنشاء مقر داخل البلدة، إلا أن الاحتلال رفض بحجة أن المنطقة تقع ضمن "ج".
أما النفايات، فأشار إلى أن البلدية تدفع نحو 76 ألف شيكل شهرياً لترحيلها إلى مكب عشوائي في زيتا، في حين تطالبها الحكومة بالترحيل إلى مكب زهرة الفنجان البعيد، وهو ما يفوق قدرات البلدية لوجستياً ومالياً.
أعباء مالية متراكمة
كشف عودة أن ديون بلدية حوارة تبلغ نحو 16 مليون شيكل لصالح سلطة المياه، إضافة إلى 5–6 ملايين على المواطنين، فيما تبلغ موازنة البلدية السنوية نحو 3 ملايين شيكل فقط، وعدد موظفيها 17. وأكد أن ضعف الموارد الذاتية، إلى جانب ارتباط الكهرباء مع شركة كهرباء الشمال، يعيق البلدية عن تحقيق الاستقرار المالي.
رسائل ودعوات
وجه رئيس بلدية حوارة رسالة إلى الفلسطينيين بضرورة دعم الحركة التجارية في البلدة، مؤكداً أنها ما زالت مفتوحة وآمنة، وأن لا يجب أن يكون بديلاً عنها. كما طالب وزارة الصحة والحكومة الفلسطينية بضرورة تحمل مسؤولياتها تجاه القطاعين الصحي والتعليمي، وتوفير ما يلزم من أدوية وأطقم طبية.
وختم بالقول: "حوارة بخير، لكن الأوضاع الاقتصادية والسياسية الصعبة انعكست بقسوة على كل تفاصيل حياتنا. نحن بحاجة إلى دعم عاجل لإعادة الحياة إلى طبيعتها، وحماية صمود الأهالي في وجه التحديات".